معنى التحريف لغة واصطلاحاً |
||
التحريف لغةً حرف الشيء: طرفه وجانبه، وتحريفه: إمالته والعدول به عن موضعه إلى طرفٍ أو جانب. قال تعالى: ((وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ الله عَلَى حَرْفٍ))1. قال الزمخشري: "أي على طرفٍ من الدين لافي وسطه وقلبه، وهذا مثلٌ لكونهم على قلقٍ واضطرابٍ في دينهم، لاعلى سكونٍ وطمأنينة"2. التحريف اصطلاحاً أمّا التحريف في الاِصطلاح فله معانٍ كثيرة: منها: التحريف الترتيبي: أي نقل الآية من مكانها إلى مكان آخر، سواء كان هذا النقل بتوقيف أو باجتهاد، فلا خلاف في وقوعه، إذ كم من آية مكّية بين آيات مدنيّة، وبالعكس. ومنها: التحريف المعنوي، ويراد به حمل اللفظ على معانٍ بعيدة عنه لم ترتبط بظاهره، مع مخالفتها للمشهور من تفسيره، وهذا النوع واقع في القرآن، وذلك عن طريق تأويله من غير علم، وهو محرّم بالاِجماع لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): "من قال في القرآن بغير علم فليتبوّأ مقعده من النار"3 وهو من التفسير بالرأي المنهي عنه، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "من فسَّر القرآن برأيه وأصاب الحق فقد أخطأ"4 وهذا المعنى منحدر عن الاَصل اللغوي لتحريف الكلام. ومنها: التحريف اللفظي، وهو على أقسام: منها: التحريف بالزيادة والنقصان، وهو على ثلاثة أنحاء: أ ـ تحريف الحروف أو الحركات، وهذا راجع إلى القراءات القرآنية، وهو باطل إلاَّ في ألفاظ قليلة كقراءة قوله تعالى: ((وَامْسَحُواْ بِرُؤُسِكُمْ وَأرْجُلَكُمْ))5 بكسر لفظة الاَرجل ونصبها، وغيرها ممّا لم يخالف أُصول العربية وقراءة جمهور المسلمين، وورد به أثر صحيح. ب ـ تحريف الكلمات، وهو إمَّا أن يكون في أصل المصحف، وهو باطل بالاِجماع، وإمَّا أن تكون زيادة لغرض الاِيضاح لما عساه يشكل في فهم المراد من اللفظ، وهو جائز بالاتفاق. ج ـ تحريف الآيات أو السور، وهو باطل بالاِجماع6. 1 ـ التحريف بالزيادة: بمعنى أنّ بعض المصحف الذي بين أيدينا ليس من الكلام المنزل، والتحريف بهذا المعنى باطلٌ بإجماع المسلمين، بل هو ممّا عُلِم بطلانه بالضرورة، لاَنّه يعني أنّ بعض مابين الدفّتين ليس من القرآن، ممّا ينافي آيات التحدّي والاعجاز، كقوله تعالى: ((قُل لئنِ اجتَمَعَتِ الاِنسُ والجِنُّ عَلَى أن يأتُوا بمِثْلِ هَذا القُرْآنِ لا يأتُونَ بِمِثْلِهِ وَلوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً))7. 2 ـ التحريف بالنقص: بمعنى أنّ بعض المصحف الذي بين أيدينا لايشتمل على جميع القرآن الذي نزل من السماء، بأنْ يكون قد ضاع بعض القرآن على الناس إمّا عمداً، أو نسياناً، وقد يكون هذا البعض كلمةً أو آية أو سورة، والتحريف بهذا المعنى هو موضوع البحث حيثُ ادّعى البعض وقوعه في القرآن الكريم استناداً إلى أحاديث هي بمجملها إمّا ضعيفة سنداً، أو مؤولة بوجهٍ يُخْرِجها عن إفادة ذلك، وإلاّ فهي أحاديثٌ وأخبارٌ مدسوسةٌ وباطلةٌ، قد أعرض عنها محققو المسلمين على مرّ العصور، على ما سيأتي بيانه في ثنايا هذا البحث. |
||
(1) الحج 22: 11 |