التالي

سلامة القرآن من التحريف

السابق

وقد ذكرنا في كتاب الوصائل إلى الرسائل1 إن القرآن الحكيم - كما نستظهره من الأدلة ومن الحس - لم ينقص منه حرف، ولم يزد عليه حرف، ولم يغير منه حتى فتح أو كسر أو تشديد أو تخفيف، ولا فيه تقديم ولا تأخير بالنسبة إلى ما رتبه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في حياته، وإن كان فيه تقديم وتأخير حسب النزول فإن القرآن الذي كان في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هو نفس القرآن الموجود بأيدينا الآن.

فقد عين الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بنفسه مواضع الآيات والسور حسب الذي نجده الآن، وهناك روايات تدل على ذلك، فقد روي متواتراً إن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قال من ختم القرآن كان له كذا2، فلو لم يكن القرآن مجموعا كاملا في زمانه لم يكن معنى لختمه، كما أن القرآن كان في زمانه مكتوبا بكامله، وموضوعا في مسجده عند منبره، يستنسخه من أراد، هذا، وكان الآلاف من المسلمين قد حفظوا القرآن كله كما في التواريخ.

وهكذا بقي القرآن الذي كان في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى اليوم غضا سالما على ما كان عليه من الترتيب والتنظيم. 

قرآن علي

أما مسألة قرآن علي (عليه السلام) الذي جاء به فلم يقبلوه فإنما يراد به ما جمعه من التفسير والتأويل، كما ذكر ذلك أمير المؤمنين علي (عليه السلام) بنفسه في رواية رويت عنه، ومن المعلوم أنهم لم يكونوا يريدون التفسير والتأويل لأنه كان امتيازا له (عليه السلام).

وأما مسألة جمع عمر وجمع عثمان - على فرض الصحة - فالمراد بالجمع إن المصاحف المتشتتة التي كتب كل من الصحابة لنفسه جزء منه أتلفت، حتى لا يكون هناك مصحف كامل ومصاحف ناقصة، إذ من الطبيعي أن مدرس الفقه أو الأصول مثلاً الذي يجمع كلامه تلاميذه يختلفون فيما يكتبونه عنه، حيث أن بعضهم يكون غائبا لمرض أو سفر أو ما أشبه، فلا يكتب هذا الغائب الكل، مع أن الأستاذ بنفسه أو بعض التلاميذ دائمي الحضور يكتبون الكل، وعمر وكذلك عثمان إنما أبادا مثل هذه المصاحف المختلفة والمتشتتة لا القرآن الكامل الذي كان في زمان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).

هذا وقد لاحظت أنا مصاحف كتبت قبل ألف سنة، وكانت في خزانة روضة الإمام الحسين (عليه السلام)، فلم تكن إلا مثل هذا القرآن بدون أي تغيير إطلاقاً، كما أن هناك عدة مصاحف موجودة من خط الأئمة (عليه<م> السلام) في كل من إيران والعراق وتركيا وكلها كهذا القرآن بلا تغيير أصلاً

القراءات المختلفة

وأما مسألة القراءات فهي شيء حادث كانت حسب الاجتهادات لجماعة خاصة، لكن لم يعبأ بها المسلمون لا في زمان القراء ولا بعد زمانهم، ولم يعتنوا بها اعتناءً يوجب تغيير القرآن.

ولذا نستشكل نحن في صلاة من يقرأ "ملك" - في سورة الحمد - مكان "مالك" أو "كفؤا" بالهمزة - في سورة التوحيد - مكان "كفوا" بالواو أو ما أشبه ذلك.

روايات التحريف

كما أن روايات التحريف الموجودة في كتب السنة والشيعة روايات دخيلة أو غير ظاهرة الدلالة، وقد تتبعنا ذلك فوجدنا أن الروايات التي في كتب الشيعة تسعين بالمائة منها عن طريق السياري، وهو بإجماع الرجاليين كذاب وضاع ضال، والبقية بين ما لا سند لها أو لا دلالة لها، كما يجدها المتتبع الفاحص.

وأما روايات السنة فهي أيضاً تنادي بكذب أنفسها، كما لا يخفى على من راجع الروايات في البخاري وغيره.

التالي

الفهرست

السابق

(1) الوصائل الى الرسائل ج2 ص97-100
(2) الكافي ج2 ص604 ح5