التالي

التجزئة الموضوعية (1)

السابق

المشكلة الثانية التي يعاني منها بعض أبناء الأمة هي "التجزئة الموضوعية" في فهم القرآن الكريم، فهذه القطاعات تحاول أن تفهم كل آية آية من القرآن؛ بشكل مستقل، بعيداً عن فهم الآيات الأخرى، وكأن كل آية عامل مستقل وقائم بذاته، وقد ترتب على ذلك أمران:

1. الفهم الخاطئ لبعض الآيات القرآنية، فالقرآن "كائن حي" يرتبط بعضه مع بعض، ويتفاعل بعضه مع بعض، ومن هنا لا يستطيع الفرد أن يفهم القرآن بشكل سليم إلا بعد أن يجمع بعضه مع بعض، ويلاحظ التفاعل والارتباط فيما بين أجزائه المتفرقة، ومن هنا جاء في الأحاديث: "إن القرآن يفسر بعضه بعضا."، وجاء: "يشهد بعضه ببعض، وينطق بعضه ببعض."

لقد وجدت - على امتداد التاريخ الإسلامي - مذاهب كثيرة منحرفة مثل: "الصفائية" و"الحشوية" و"المشبهة" و"الكرامية" و"الجبرية"1 وغيرها، وهذه المذهب كانت تستند إلى بعض الآيات القرآنية في دعم أفكارها الخاطئة، وكان الخطأ الذي ارتكبته هذه المذاهب - أو على الأصح جزء الخطأ - هي "النظرة التجزيئية" إلى آيات القرآن، كانوا يجدون آية تتحدث في موضوع معين، وكان ظاهرها يعطي معنى معيناً، فكانوا يتمسكون بذلك المعنى ضاربين بسائر الآيات الواردة في هذا الموضوع عرض الجدار.

هذا في الجانب العقائدي، أما في الجانب العملي، فقد أخطأ البعض في فهم الآيات القرآنية التي تصورها تدعوا إلى الكسل وإلى الجلوس في زوايا البيوت، ذلك لأنهم نظروا إلى هذه الآيات نظرة "أحادية الجانب" ولم يجمعوها مع سائر الآيات القرآنية التي تدعوا إلى العمل والجهاد والتحرك2.

إذن، فالنظرة التجزيئية إلى آيات القرآن الكريم تعني - في كثير من الأحيان - فهم هذه الآيات بشكل خاطئ.

2. الفهم الناقص لـ"الموضوعات القرآنية". فالقرآن الكريم لم يجمع بشكل موضوعي، أي لم يوضع كل موضوع منه في فصل مستقل، بل إن الآيات المتعلقة بموضوع واحد تتقاسمها عشرات السور، ولذلك أصبح ضروريا على كل من يريد أن يخرج بـ"رؤية قرآنية متكاملة" حول موضوع ما أن يمارس "النظرة الشمولية" للآيات المرتبطة بذلك الموضوع.

أما "التجزئة الموضوعية" فهي لا تعطينا إلى رؤية ناقصة، بالإضافة إلى أننا نخسر بسبب ذلك الكثير من المعطيات التي يمنحنا إياها "الفهم الشمولي" حينئذ - كما سنوضح ذلك فيما بعد.

والسؤال - الآن - هو: كيف تقوم بـ"الفهم الموضوعي" للقرآن الكريم؟ والجواب: أن العملية يجب أن تسير في أربعة مراحل:

1. جمع الآيات القرآنية المرتبطة بالموضوع المقصود من مختلف السور القرآنية. أما كيف يتم ذلك، فعن أحد طريقين:

أحدهما: الكتاب الذي ألفه "جول لابم" والذي نسق فيه الآيات حسب مواضيعها تحت عنوان "تفصيل آيات القرآن الحكيم"3 مع ملاحظة ملحقة أيضاً.

ثانيهما: المعجم الذي وضعه "محمد فؤاد عبد الباقي" والذي تناول فيهم الألفاظ القرآنية على أسلوب المعاجم اللغوية تحت عنوان "المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم". وأسلوب الرجوع إلى هذا المعجم هو تجريد الموضوع المراد بحثه عن الزوائد الصرفية، ثم البحث عنه في طيات هذا الكتاب، فمثلاً: تبحث عن الزكاة في مادة "ز.ك.و." وعن الصلاة في مادة "ص.ل.و." وعن الصوم في مادة "ص.و.م." وهكذا، وهلم جرا.

2. فرز الآيات وتصنيفها ووضع كل واحدة منها مع الآيات المماثلة لها.

3. ترتيب هذه المجموعات على حسب ما يقتضيه "الإطلاق والتقييد" و"العموم والخصوص" و"التقدم والتأخر"، وغير ذلك.

4. وأخيراً، استنباط الرؤية المتكاملة والنهائية من خلال ذلك.

ولا ننسى أن نؤكد - هنا مرة أخرى - ضرورة الرجوع إلى التفاسير وإلى روايات المعصومين (عليهم أفضل الصلاة والسلام)

وهنا ينتصب سؤال ليقول: ما هي صور الجمع بين الآيات القرآنية؟ والجواب: هنالك صور عديدة للجمع نذكر منها:

  1. الجمع التفسيري.

  2. الجمع الترتيبي.

  3. الجمع الاستنباطي.

  4. الجمع الموضوعي.

ولكن كيف؟ دعنا نعرف.

أولا: الجمع التفسيري

ويعني ذلك: كشف المدلول الحقيقي للآية القرآنية من خلال آية أخرى تتعرض إلى الموضوع ذاته، وهنا نستعرض بعض النماذج:

يقول القرآن الكريم: ((اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيم،َ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيْهِم غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ))4

نحن نعرف من البداية أن لكل آية مفهوما ومصداقاً، فمفهوم الصراط واضح نعرفه من المعنى اللغوي للكلمة في لسان العرب. فالصراط المستقيم بمعنى الصراط المعبد للسير، والمستقيم بمعنى المعتدل، وأقرب الطرق إلى المقصد. فمفهوم الآية - إذن - واضح لا غبار عليه، ولكن مصداق الآية غير واضح، فلا ندري ما هو الصراط المستقيم الذي يجب أن نسير عليه، ولا ندري من هم الذين أنعم الله عليهم حتى نهتدي بطريقتهم. فغير واضح من الآية واللغة ولسان العرب ما هو الصراط المستقيم. فماذا علينا أن نفعل؟

علينا أن نعرف ذلك من خلال الربط بين هذه الآية والآيات الأخرى ونكتشف مصداق الآية، فلنقرأ في سورة "يس" أية 60 قوله تعالى: ((وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ))، فنعرف أن الصراط المستقيم هو عبادة الله تعالى والتزام منهجه في الحياة العملية والاجتماعية. ونقرأ في آية أخرى قوله تعالى: ((وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا)) (سورة النساء 68)، فنعرف أن المراد من "الذين أنعمت عليهم" هم الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون5.

والآن لنتساءل: من هم "الضالون"؟ من هم هؤلاء الذين ندعو الله تعالى كل يوم عشر مرات - على الأقل - لكي يبعدنا عنهم؟ من خلال مراجعة الآيات الأخرى نجد أن القرآن الكريم يحدد "الضلال" فيما يلي:

  1. الكفر بكافة أشكاله وألوانه، وفي ذلك يقول القرآن: ((وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا))6، ((وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا))7، ((وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ))8

  2. التعدي على حقوق الآخرين وفي ذلك يقول القرآن: ((بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ))9

  3. الانحراف بكافة ألوانه وأشكاله، وفي ذلك يقول القرآن: ((وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ))10، ((وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا))11،

وهكذا، استطعنا أن نكتشف - من خلال الآيات الأخرى - أن المراد بـ"الضالين" هم المنحرفين فكريا والمنحرفين سلوكياً، والذين يتعدون على حقوق الآخرين.

وهذا ما نطلق عليه "تفسير القرآن بالقرآن"

ثانياً: الجمع الترتيبي

وذلك يعني فرز مجموعة من الآيات وترتيبها ترتيباً منطقياً، ولهذا النوع من الجمع معطيات وفوائد، منها:

1. حل التناقض المتوهم بين الآيات القرآنية، ذلك أننا حين ننظر إلى الآيات بشكل منظم فقد نتصور اختلافا بين مفاهيم هذه الآيات، ولكننا بعد تنسيقها وتنظيمها لا نجد أي اختلاف، بل نجد الأمر من قبيل "الخصوص والعموم" أو "التقييد والإطلاق" أو ما أشبه ذلك، ما نرى مثيلا له حتى في كلماتنا اليومية.

2. فهم "مرحلية" هبوط الأحكام الإلهية، وذلك أن الأمر أو النهي يتعلق بقاعدة أساسية من قواعد التصور الإيماني أي بمسألة اعتقادية، فإن الإسلام يقضي فيها قضاءا حاسماً منذ اللحظة الأولى، ولكن عندما يتعلق الأمر أو النهي بعادة أو تقليد أو بوضع اجتماعي معقد، فإن الإسلام يتريث فيه، ويأخذ المسألة باليسر والرفق والتدريج، ويهيئ الظروف الواقعية التي تيسر التنفيذ والطاعة.

والآن إليكم المثال التالي - حسب ما يستفاد من التفاسير:

في مسألة تحريم الخمر، لم يكن الأمر أمر توحيد أو شرك، وإنما كان أمر عادة وأُلف، والعادة تحتاج إلى علاج، ولذلك تدرج القرآن من مرحلة إلى مرحلة حتى وصل إلى التحريم النهائي. وقد ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام): "ما بعث الله نبيا قط إلا وفي علم الله تعالى أنه إذا أكمل له دينه كان فيه تحريم الخمر، ولم يزل الخمر حراماً، وإنما ينقلون من خصلة ثم خصلة، ولو حمل ذلك عليهم جملة لقطع بهم دون الدين." وعنه: "ليس أحد أرفق من الله تعالى، فمن رفقه تبارك وتعالى أنه ينقلهم من خصلة إلى خصلة، ولو حملهم جملة /أي مرة واحدة/ لهلكوا."12

والآن لننظر كيف تدرج القرآن الكريم في تحريمه للخمر:

  1. في البداية، بدأ القرآن بتحريك الوجدان الديني والمنطق العقلي في نفوس المسلمين، وذلك ببيان أن الإثم في الخمر أكبر من النفع فقال: ((يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا))13، وفي هذا إيحاء بأن تركها هو الأولى.

  2. ثم جاءت الخطوة الثانية بآية سورة النساء: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ))14، والصلاة في خمسة أوقات - أو ثلاثة - متقارب لا يكفي ما بينها للسكر والإفاقة، وفي هذا تضييق لفرص المزاولة العملية لعادة الشرب، ولكسر لعادة الإدمان التي تتعلق بمواعيد التعاطي، إذ المعروف أن المدمن يشعر بالحاجة إلى ما أدمن عليه من مسكر أو مخدر في الموعد الذي اعتاد تناوله، فإذا تجاوز هذا الوقت وتكرر هذا التجاوز فترة حدة العادة، وأمكن التغلب عليها.

وبعدما تمت هاتان الخطوتان جاء النهي الحازم الأخير بتحريم الخمر في قوله تعالى: ((إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ))15، وعندئذ قال المسلمون: "أجل! لقد انتهينا يا رسول الله." ثم أخذوا يهريقون الخمور في الأزقة حتى جرت فيها.

ثالثا: الجمع الاستنباطي

والجمع الاستنباطي يعني: الجمع بين آيتين من القرآن الكريم أو كثر لاستنباط حكم تشريعي معين أو فكرة معينة. والتراث الذي خلفه لنا الأئمة الطاهرون (عليهم الصلاة والسلام) عني بهذا النوع من الجمع، ولذلك فنقتصر في هذا الفصل على نماذج منه:

أ- عن الدؤلي قال: "رفع إلى عمر امرأة لستة أشهر، فأراد أن يرجمها16، فجاءت أختها إلى علي بن أبي طالب فقالت: "إن عمر رجم أختي، فأنشدك الله إن كنت تعلم أن لها عذراً لمّا /أي: إلا/ أخبرتني به."

فقال علي: "إن لها عذراً."

ثم انطلقت إلى عمر، فقالت: "إن عليا زعم أن لأختي عذراً."

فأرسل عمر إلى علي: "ما عذرها؟"

قال: "إن الله يقول: "((وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ))17"، وقال:"(( وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا))18"، وقال: "((وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ))19، وكان الحمل هنا ستة أشهر20".

قال الراوي: "ثم إنها ولدت آخر لستة أشهر."21

وهكذا، استطاع الإمام علي (عليه السلام) أن يبين من خلال هذه الآيات - التي قد لا يبدو عند النظرة العابرة وجود أي ترابط فيما بينها - استطاع أن يبين لهم منها حكما عظيماً من أحكام الإسلام، وأن ينقذ امرأة من حكم الرجم.

ب- إن سارقاً اعترف على نفسه بالسرقة، فأحضروه إلى مجلس المعتصم - الملك العباسي - كي يجري عليه الحد، ولكن المعتصم لم يعرف حده، فأحضر فقهاء بغداد وفيهم ابن أبي داود والإمام العظيم محمد بن علي الجواد (عليه السلام)، فسألهم: "من أين تقطع يد السارق؟"

فقال ابن أبي داود من مفصل الكف واستدل بآية التيمم: ((فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ))22، ولكن العلماء الآخرين أطبقوا على قطع اليد من المرفق مستدلين بآية الوضوء: ((فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ))23.

كل ذلك والإمام الجواد (عليه السلام) ساكت لا يتكلم بشيء، حتى التفت إليه المعتصم قائلاً: "ما تقول؟" غير أن الإمام لم يك يريد الرد على هؤلاء، فقال: "قالوا، وسمعت." فتطلع المعتصم إلى رأي جديد يضمره الإمام (عليه السلام)، فألح عليه قائلاً: "لا رأي لي عند هؤلاء، بالله عليك إلا ما حكمت."

فقال الإمام (عليه السلام): "إن النبي أمر توضع المواضع السبعة (التي منها الكفان) في السجود على الأرض، ويقول الله الحكيم: ((وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ))24، فلا تقطع الكف التي هي من المساجد، بل اقطع الأصابع الأربع فحسب."25

وهكذا، استطاع الإمام الجواد (عليه السلام) أن يكشف حدود قطع يد السارق بالجمع بين آيتين كريمتين هما قوله تعالى: ((وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا))، وقوله تعالى: ((وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ)).

ج- عن علي بن يقطين، قال: سئل المهدي /الملك العباسي/ أبا الحسن (عليه السلام) /أي: الإمام موسى الكاظم/ عن الخمر فقال: "هل هي محرمة في كتاب الله؟ فإن الناس يعرفون النهي ولا يعرفون التحريم."

فقال له أبو الحسن (عليه السلام): "بل هي محرمة."

قال: "في أي موضع هي محرمة؟ بكتاب الله يا أبا الحسن؟!"

قال: "قول الله تبارك وتعالى: ((قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ))26، فأما قوله: ((مَا ظَهَرَ مِنْهَا)) فيعني الزنا المعلن، ونصب الرايات التي (كانت) ترفعها الفواجر في الجاهلية. وأما قوله ((وَمَا بَطَنَ)) يعني: ما نكح من الآباء، فإن الناس كانوا قبل أن يبعث الله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا كان للرجل زوجته، ومات عنها، تزوجها ابنه من بعده إذا لم تكن أمه، فحرم ذلك. وأما (الإثم) فإنها الخمر بعينها، وقد قال الله في موضع آخر: ((يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ))27، فأما الإثم في كتاب الله فيه الخمر والميسر في النرد، وإثمهما كبير."

فقال المهدي: "هذه - والله - فتوى هاشمية!"28.

  التالي

  الفهرست

السابق

(1) للمزيد من التفاصيل راجع "التمهيد" ج 3 - ص 56 - 72
(2) بالإضافة إلى أنهم أخطأوا في فهم نفس تلك الآية
(3) هذا الكتاب منقسم إلى 18 باباً وهي: التاريخ، محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، التبليغ، بنو إسرائيل، التوراة، النصارى، ما بعد الطبيعة، التوحيد، والقرآن، الدين، العقائد، العبادات، الشريعة، النظام الاجتماعي، العلوم والفنون، التجارة، علم تهذيب الأحلاق، النجاح. وتندرج تحت كل باب من هذه الأبواب فصول متعددة
(4) سورة الحمد - 6 - 7
(5) القرآن كتاب حياة - ص 61، 62
(6) سورة النساء - 136
(7) سورة النساء - 116
(8) سورة البقرة - 108
(9) سورة لقمان - 11
(10) سورة ص - 26
(11) سورة الأحزاب - 36
(12) الصافي في تفسير القرآن - المجلد الأول - ص 187 (الطبعة الخامسة)
(13) سورة البقرة - 219
(14) سورة النساء - 43
(15) سورة المائدة - 90، 91
(16) باعتبار أنها ولدت قبل إكمال تسعة أشهر من زواجها، مما أثار ريبة عمر في ارتكابها للفحشاء قبل زواجها
(17) سورة البقرة - 233
(18) سورة الأحقاف - 15
(19) سورة لقمان - 14
(20) فإذا كانت مدة الرضاع أو الفصال - لا فرق - حولين (أي: أربعة وعشرين شهراً)، وكانت مدة الحمل والفصال معاً ثلاثين شهراً، فالنتيجة هي أنه يمكن أن تكون فترة الحمل ستة أشهر فقط.
(21) راجع الغدير - ج 6 - ص 93 (الطبعة الثالثة)
(22) سورة النساء - 43
(23) سورة المائدة - 9
(24) سورة الجن - 18
(25) راجع "العقوبات في الإسلام" - ص 25، 26
(26) سورة الأعراف - 23
(27) سورة البقرة - 219
(28) راجع "البرهان في تفسير القرآن" - المجلد الثاني - ص 14 (الطبعة الثالثة)، وكذلك - أيضا - "الصافي في تفسير القرآن" - المجلد الأول - ص 188 (الطبعة الخامسة)