الميزان في تفسير القرآن |
سورة القصص |
1 - 14 |
تابع |
||
قوله تعالى: «و لما بلغ أشده و استوى آتيناه حكما و علما و كذلك نجزي المحسنين» بلوغ الأشد أن يعمر الإنسان ما تشتد عند ذلك قواه و يكون في الغالب في الثمان عشرة، و الاستواء الاعتدال و الاستقرار فالاستواء في الحياة استقرار الإنسان في أمر حياته و يختلف في الأفراد و هو على الأغلب بعد بلوغ الأشد، و قد تقدم الكلام في معنى الحكم و العلم و إيتائهما و معنى الإحسان في مواضع من الكتاب. بحث روائي في الدر المنثور، أخرج ابن أبي شيبة و ابن المنذر و ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب رض: في قوله تعالى: «و نريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض» قال: يوسف و ولده. أقول: لعل المراد بنو إسرائيل، و إلا فظهور الآية في خلافه غير خفي. و في معاني الأخبار، بإسناده عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نظر إلى علي و الحسن و الحسين (عليهما السلام) فبكى و قال: أنتم المستضعفون بعدي. قال المفضل: فقلت له: ما معنى ذلك؟ قال: معناه أنكم الأئمة بعدي إن الله عز و جل يقول: «و نريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض - و نجعلهم أئمة و نجعلهم الوارثين» فهذه الآية جارية فينا إلى يوم القيامة. أقول: و الروايات من طرق الشيعة في كون الآية في أئمة أهل البيت (عليهم السلام) كثيرة و بهذه الرواية يظهر أنها جميعا من قبيل الجري و الانطباق. و في نهج البلاغة،: لتعطفن الدنيا عليا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها و تلا عقيب ذلك «و نريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض - و نجعلهم أئمة و نجعلهم الوارثين». و في تفسير القمي،: في قوله تعالى: «و أوحينا إلى أم موسى» إلى آخر الآية: حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إنه لما حملت به أمه لم يظهر حملها إلا عند وضعها له و كان فرعون قد وكل بنساء بني إسرائيل نساء من القبط يحفظنهن و ذلك أنه كان لما بلغه عن بني إسرائيل أنهم يقولون: إنه يولد فينا رجل يقال له: موسى بن عمران يكون هلاك فرعون و أصحابه على يده فقال فرعون عند ذلك: لأقتلن ذكور أولادهم حتى لا يكون ما يريدون و فرق بين الرجال و النساء و حبس الرجال في المحابس. فلما وضعت أم موسى بموسى نظرت إليه و حزنت عليه و اغتمت و بكت و قالت: يذبح الساعة فعطف الله عز و جل قلب الموكلة بها عليه فقالت لأم موسى: ما لك قد اصفر لونك؟ فقالت أخاف أن يذبح ولدي فقالت: لا تخافي و كان موسى لا يراه أحد إلا أحبه و هو قول الله: «و ألقيت عليك محبة مني». فأحبته القبطية الموكلة بها و أنزل الله على أم موسى التابوت، و نوديت ضعيه في التابوت فألقيه في اليم و هو البحر «و لا تخافي و لا تحزني - إنا رادوه إليك و جاعلوه من المرسلين» فوضعته في التابوت و أطبقته عليه و ألقته في النيل. و كان لفرعون قصر على شط النيل متنزه فنظر من قصره و معه آسية امرأته إلى سواد في النيل ترفعه الأمواج و الرياح تضربه حتى جاءت به إلى باب قصر فرعون فأمر فرعون بأخذه فأخذ التابوت و رفع إليه فلما فتحه وجد فيه صبيا فقال: هذا إسرائيلي فألقى الله في قلب فرعون محبة شديدة و كذلك في قلب آسية. و أراد فرعون أن يقتله فقالت آسية: لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا - و هم لا يشعرون أنه موسى. و في المجمع،: في قوله تعالى: «قرة عين لي و لك لا تقتلوه» إلخ، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): و الذي يحلف به لو أقر فرعون بأن يكون له قرة عين كما أقرت امرأته لهداه الله به كما هداها و لكنه أبى للشقاء الذي كتبه الله عليه. و في المعاني، بإسناده عن محمد بن نعمان الأحول عن أبي عبد الله (عليه السلام): في قول الله عز و جل: «فلما بلغ أشده و استوى» قال: أشده ثمان عشرة سنة «و استوى» التحى. |
||