الميزان في تفسير القرآن

سورة القصص

29 - 42

تابع
فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (29) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (30) وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الآمِنِينَ (31) اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (32) قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ (33) وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ (34) قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (35) فَلَمَّا جَاءَهُم مُّوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الأَوَّلِينَ (36) وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَن جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (37) وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38) وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنصَرُونَ (41) وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ (42)

و في تفسير القمي،: في قوله تعالى: «و أخي هارون هو أفصح مني لسانا - فأرسله معي ردءا يصدقني» قال الراوي: فقلت لأبي جعفر (عليه السلام): فكم مكث موسى (عليه السلام) غائبا عن أمه حتى رده الله عز و جل عليها؟ قال: ثلاثة أيام. قال: فقلت: فكان هارون أخا موسى (عليه السلام) لأبيه و أمه؟ قال: نعم أ ما تسمع الله عز و جل يقول: «يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي و لا برأسي»؟ فقلت: فأيهما كان أكثر سنا؟ قال: هارون. قلت: فكان الوحي ينزل عليهما جميعا؟ قال: كان الوحي ينزل على موسى و موسى يوحيه إلى هارون. فقلت له: أخبرني عن الأحكام و القضاء و الأمر و النهي كان ذلك إليهما؟ قال: كان موسى الذي يناجي ربه و يكتب العلم و يقضي بين بني إسرائيل و هارون يخلفه إذا غاب من قومه للمناجاة. قلت: فأيهما مات قبل صاحبه؟ قال: مات هارون قبل موسى و ماتا جميعا في التيه. قلت: فكان لموسى ولد؟ قال: لا كان الولد لهارون و الذرية له.

أقول: و آخر الرواية لا يوافق روايات أخر تدل على أنه كان له ولد، و في التوراة الحاضرة أيضا دلالة على ذلك.

في جوامع الجامع،: في قوله تعالى: «و استكبر هو و جنوده» قال (عليه السلام) فيما حكاه عن ربه عز و جل: الكبرياء ردائي و العظمة إزاري فمن نازعني واحدا منهما ألقيته في النار.

و في الكافي، بإسناده عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال: إن الأئمة في كتاب الله عز و جل إمامان قال الله تبارك و تعالى: «و جعلناهم أئمة يهدون بأمرنا» لا بأمر الناس يقدمون أمر الله قبل أمرهم و حكم الله قبل حكمهم. قال: «و جعلناهم أئمة يدعون إلى النار» يقدمون أمرهم قبل أمر الله و حكمهم قبل حكم الله و يأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله عز و جل.

كلام حول قصص موسى و هارون (عليهما السلام)

في فصول 1 - منزلة موسى عند الله و موقفه العبودي:

كان (عليه السلام) أحد الخمسة أولي العزم الذين هم سادة الأنبياء و لهم كتاب و شريعة كما خصهم الله تعالى بالذكر في قوله: «و إذ أخذنا من النبيين ميثاقهم و منك و من نوح و إبراهيم و موسى و عيسى بن مريم و أخذنا منهم ميثاقا غليظا»: الأحزاب: 7، و قال: «شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا و الذي أوحينا إليك و ما وصينا به إبراهيم و موسى و عيسى»: الشورى: 13. و لقد امتن الله سبحانه عليه و على أخيه في قوله: «و لقد مننا على موسى و هارون»: الصافات: 114 و سلم عليهما في قوله: «سلام على موسى و هارون»: الصافات: 120.

و أثنى على موسى (عليه السلام) بأجمل الثناء في قوله: «و اذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا و كان رسولا نبيا و ناديناه من جانب الطور الأيمن و قربناه نجيا»: مريم: 52، و قال: «و كان عند الله وجيها»: الأحزاب: 69، و قال: «و كلم الله موسى تكليما»: النساء: 164.

و ذكره في جملة من ذكرهم من الأنبياء في سورة الأنعام الآية 84 - 88 فأخبر أنهم كانوا محسنين صالحين و أنه فضلهم على العالمين و اجتباهم و هداهم إلى صراط مستقيم.

و ذكره في جملة الأنبياء في سورة مريم ثم ذكر في الآية 58 منها أنهم الذين أنعم الله عليهم.

فاجتمع بذلك له (عليه السلام) معنى الإخلاص و التقريب و الوجاهة و الإحسان و الصلاح و التفضيل و الاجتباء و الهداية و الإنعام و قد مر البحث عن معاني هذه الصفات في مواضع تناسبها من هذا الكتاب و كذا البحث عن معنى النبوة و الرسالة و التكليم.

و ذكر الكتاب النازل عليه و هو التوراة فوصفها بأنها إمام و رحمة سورة الأحقاف: 12 و بأنها فرقان و ضياء و ذكر: الأنبياء: 48 و بأن فيها هدى و نور: المائدة: 44 و قال: «و كتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة و تفصيلا لكل شيء»: الأعراف: 145.

غير أنه تعالى ذكر في مواضع من كلامه أنهم حرفوها و اختلفوا فيها.

و قصة بخت نصر و فتحه فلسطين ثانيا و هدمه الهيكل و إحراقه التوراة و حشره اليهود إلى بابل سنة خمسمائة و ثمان و ثمانين قبل المسيح ثم فتح كورش الملك بابل سنة خمسمائة و ثمان و ثلاثين قبل المسيح و إذنه لليهود أن يرجعوا إلى فلسطين ثانيا و كتابة عزراء الكاهن التوراة لهم معروف في التواريخ و قد تقدمت الإشارة إليه في الجزء الثالث من الكتاب في قصص المسيح (عليه السلام).

2 - قصص موسى (عليه السلام)

في القرآن: هو (عليه السلام) أكثر الأنبياء ذكرا في القرآن الكريم فقد ذكر اسمه - على ما عدوه - في مائة و ستة و ستين موضعا من كلامه تعالى، و أشير إلى قصته إجمالا أو تفصيلا في أربع و ثلاثين سورة من سور القرآن، و قد اختص من بين الأنبياء بكثرة المعجزات، و قد ذكر في القرآن شيء كثير من معجزاته الباهرة كصيرورة عصاه ثعبانا، و اليد البيضاء، و الطوفان، و الجراد، و القمل، و الضفادع، و الدم، و فلق البحر، و إنزال المن و السلوى، و انبجاس العيون من الحجر بضرب العصا، و إحياء الموتى، و رفع الطور فوق القوم و غير ذلك.

و قد ورد في كلامه تعالى طرف من قصصه (عليه السلام) من دون استيفائها في كل ما دق و جل بل بالاقتصار على فصول منها يهم ذكرها لغرض الهداية و الإرشاد على ما هو دأب القرآن الكريم في الإشارة إلى قصص الأنبياء و أممهم.

و هذه الفصول التي فيها كليات قصصه هي أنه تولد بمصر في بيت إسرائيلي حينما كانوا يذبحون المواليد الذكور من بني إسرائيل بأمر فرعون و جعلت أمه إياه في تابوت و ألقته في البحر و أخذ فرعون إياه ثم رده إلى أمه للإرضاع و التربية و نشأ في بيت فرعون.

ثم بلغ أشده و قتل القبطي و هرب من مصر إلى مدين خوفا من فرعون و ملئه أن يقتلوه قصاصا.

ثم مكث في مدين عند شعيب النبي (عليه السلام) و تزوج إحدى بنتيه.

ثم لما قضى موسى الأجل و سار بأهله آنس من جانب الطور نارا و قد ضلوا الطريق في ليلة شاتية فأوقفهم مكانهم و ذهب إلى النار ليأتيهم بقبس أو يجد على النار هدى فلما أتاها ناداه الله من شاطىء الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة و كلمه و اجتباه و آتاه معجزة العصا و اليد البيضاء في تسع آيات و اختاره للرسالة إلى فرعون و ملئه و إنجاء بني إسرائيل و أمره بالذهاب إليه.

فأتى فرعون و دعاه إلى كلمة الحق و أن يرسل معه بني إسرائيل و لا يعذبهم و أراه آية العصا و اليد البيضاء فأبى و عارضه بسحر السحرة و قد جاءوا بسحر عظيم من ثعابين و حيات فألقى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون فألقي السحرة ساجدين قالوا آمنا برب العالمين رب موسى و هارون و أصر فرعون على جحوده و هدد السحرة و لم يؤمن.

فلم يزل موسى (عليه السلام) يدعوه و ملأه و يريهم الآية بعد الآية كالطوفان و الجراد و القمل و الضفادع و الدم آيات مفصلات و هم يصرون على استكبارهم، و كلما وقع عليهم الرجز قالوا: يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك و لنرسلن معك بني إسرائيل فلما كشف الله عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون.

فأمره الله أن يسري بني إسرائيل ليلا فساروا حتى بلغوا ساحل البحر فعقبهم فرعون بجنوده فلما تراءى الفريقان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين فأمر بأن يضرب بعصاه البحر فانفلق الماء فجاوزوا البحر و اتبعهم فرعون و جنوده حتى إذا اداركوا فيها جميعا أطبق الله عليهم الماء فأغرقهم عن آخرهم.

و لما أنجاهم الله من فرعون و جنوده و أخرجهم إلى البر و لا ماء فيه و لا كلاء أكرمهم الله فأنزل عليهم المن و السلوى و أمر موسى فضرب بعصاه الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم فشربوا منها و أكلوا منهما و ظللهم الغمام.

ثم واعد الله موسى أربعين ليلة لنزول التوراة بجبل الطور فاختار قومه سبعين رجلا ليسمعوا تكليمه تعالى إياه فسمعوا ثم قالوا: لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة و هم ينظرون ثم أحياهم الله بدعوة موسى، و لما تم الميقات أنزل الله عليه التوراة و أخبره أن السامري قد أضل قومه بعده فعبدوا العجل.

فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا فأحرق العجل و نسفه في اليم و طرد السامري و قال له: اذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس و أما القوم فأمروا أن يتوبوا و يقتلوا أنفسهم فتيب عليهم بعد ذلك ثم استكبروا عن قبول شريعة التوراة حتى رفع الله الطور فوقهم.

ثم إنهم ملوا المن و السلوى و قالوا لن نصبر على طعام واحد و سألوه أن يدعو ربه أن يخرج لهم مما تنبت الأرض من بقلها و قثائها و فومها و عدسها و بصلها فأمروا أن يدخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لهم فأبوا فحرمها الله عليهم و ابتلاهم بالتيه يتيهون في الأرض أربعين سنة.

و من قصص موسى (عليه السلام) ما ذكره الله في سورة الكهف من مضيه مع فتاه إلى مجمع البحرين للقاء العبد الصالح و صحبته حتى فارقه.

3 - منزلة هارون (عليه السلام)

عند الله و موقفه العبودي: أشركه الله تعالى مع موسى (عليه السلام) في سورة الصافات في المن و إيتاء الكتاب و الهداية إلى الصراط المستقيم و في التسليم و أنه من المحسنين و من عباده المؤمنين الصافات: 114 - 122 و عده مرسلا طه: 47 و نبيا مريم: 53 و أنه ممن أنعم عليهم مريم: 58 و أشركه مع من عدهم من الأنبياء في سورة الأنعام في صفاتهم الجميلة من الإحسان و الصلاح و الفضل و الاجتباء و الهداية الإنعام: 84 - 88.

و في دعاء موسى ليلة الطور: «و اجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري و أشركه في أمري كي نسبحك كثيرا و نذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا»: طه: 35.

و كان (عليه السلام) ملازما لأخيه في جميع مواقفه يشاركه في عامة أمره و يعينه على جميع مقاصده.

و لم يرد في القرآن الكريم مما يختص به من القصص إلا خلافته لأخيه حين غاب عن القوم للميقات و قال لأخيه هارون اخلفني في قومي و أصلح و لا تتبع سبيل المفسدين و لما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا و قد عبدوا العجل ألقى الألواح و أخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن أم إن القول استضعفوني و كادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء و لا تجعلني مع القوم الظالمين قال رب اغفر لي و لأخي و أدخلنا في رحمتك و أنت أرحم الراحمين.

4 - قصة موسى (عليه السلام)

في التوراة الحاضرة: قصصه (عليه السلام) موضوعة فيما عدا السفر الأول من أسفار التوراة الخمسة و هي: سفر الخروج و سفر اللاويين و سفر العدد و سفر التثنية تذكر فيها تفاصيل قصصه (عليه السلام) من حين ولادته إلى حين وفاته و ما أوحي إليه من الشرائع و الأحكام.

غير أن فيها اختلافات في سرد القصة مع القرآن في أمور غير يسيرة.

و من أهمها أنها تذكر أن نداء موسى و تكليمه من الشجرة كان في أرض مدين قبل أن يسير بأهله و ذلك حين كان يرعى غنم يثرون حمية كاهن مديان فساق الغنم إلى وراء البرية و جاء إلى جبل الله حوريب و ظهر له ملاك الرب بلهيب نار من وسط عليقة فناداه الله و كلمه بما كلمه و أرسله إلى فرعون لإنجاء بني إسرائيل.

و منها ما ذكرت أن فرعون الذي أرسل إليه موسى غير فرعون الذي أخذ موسى و رباه ثم هرب منه موسى لما قتل القبطي خوفا من القصاص.

و منها أنها لم تذكر إيمان السحرة لما ألقوا عصيهم فصارت حيات فتلقفتها عصا موسى بل تذكر أنهم كانوا عند فرعون و عارضوا موسى في آيتي الدم و الضفادع فأتوا بسحرهم مثل ما أتى به موسى (عليه السلام) معجزة.

و منها أنها تذكر أن الذي صنع لهم العجل فعبدوه هو هارون النبي أخو موسى (عليه السلام) و ذلك أنه لما رأى الشعب أن موسى أبطأ في النزول من الجبل اجتمع الشعب على هارون و قالوا له: قم اصنع لنا آلهة تسير إمامنا لأن هذا موسى الرجل الذي أصعدنا من أرض مصر لا نعلم ما ذا أصابه؟ فقال لهم هارون: انزعوا أقراط الشعب التي في آذان نسائكم و بنيكم و بناتكم و أتوني بها.

فنزع كل الشعب أقراط الذهب التي في آذانهم و أتوا بها إلى هارون فأخذ ذلك من أيديهم و صوره بالإزميل فصبغه عجلا مسبوكا فقالوا أ هذه آلهتك يا إسرائيل التي أصعدتك من أرض مصر.

و في الآيات القرآنية تعريضات للتوراة في هذه المواضع من قصصه (عليه السلام) غير خفية على المتدبر فيها.

و هناك اختلافات جزئية كثيرة كما وقع في التوراة في قصة قتل القبطي أن المتضاربين ثانيا كانا جميعا إسرائيليين.

و أيضا وقع فيها أن الذي ألقى العصا فتلقفت حيات السحرة هو هارون ألقاها بأمر موسى.

و أيضا لم تذكر فيها قصة انتخاب السبعين رجلا للميقات و نزول الصاعقة عليهم و إحياءهم بعده.

و أيضا فيها أن الألواح التي كانت مع موسى لما نزل من الجبل و ألقاها كانت لوحين من حجر و هما لوحا الشهادة.

إلى غير ذلك من الاختلافات.

العودة إلى القائمة

التالي