التالي

بين المحراب والمنبر

السابق

ومنها ما ورد من أن القرآن كله كان مكتوباً موضوعاً بين المحراب والمنبر وكان المسلمون يكتبون منه.

عرض القرآن على رسول الله

ومنها ما ورد من أن جبرائيل عليه السلام كان يعرض القرآن على رسول (الله صلى الله عليه وآله وسلم) كل عام مرة، وعرضه عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) في عامه الأخير مرتين، فإذا لم يكن القرآن مجموعاً كيف يعرض عليه كاملة في السنة مرة أو مرتين؟ وفي الحديث انه لما أحس النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالمرض الذي اعتراه أخذ بيد علي (عليه السلام) وقال: "أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم، وأن جبرائيل كان يعرض عليّ كل سنة مرة، وقد عرض عليّ العام مرتين ولا أراه إلا لحضور أجلي."1

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): "إن جبرائيل كان يعرض عليّ القرآن كل سنة مرة، وقد عرضه العام مرتين ولا أراه إلا لحضور أجلي."2

حفظ القرآن

ومنها ما روي من أن جماعة من الصحابة كانوا قد حفظوا القرآن كله في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم3، وإلا فكيف يحفظ كله ما لم يجمع؟ ولا يخفى ذلك على من راجع تفسير القرآن للعلامة البلاغي قدس سره، ولوالدي رحمه الله4 كلمة حول ذلك طبعت في إحدى أعداد أجوبة المسائل الدينية5 في كربلاء المقدسة.

أحاديث موافقة لكتاب الله

ومنها ومما يدل على أن هذا القرآن بنفسه هو الذي نزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من غير تحريف ولا زيادة ولا نقصان، الروايات التي تأمر بعرض الأحاديث المروية عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن أهل بيته (عليهم السلام) لمعرفة غثها من سمينها على القرآن الكريم، وتقول ما وافق كتاب الله فقد قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقاله أهل البيت (عليهم السلام)، وما خالف الكتاب فهو زخرف وباطل، وانهم لم يقولوه.

فقد أحالتنا هذه الروايات إلى هذا القرآن الذي هو بأيدينا لمعرفة الحق من الباطل، مما يدل على سلامته من كل زيادة ونقيصة وتبديل وتحريف، وإلا فالكتاب المحرف لا يصلح لأن يكون مرجعاً لمعرفة الحق من الباطل.

فعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن على كل حق حقيقة، وعلى كل صواب نورا، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه."6 وعنهم (عليهم السلام): "إذا جاءكم منا حديث فاعرضوه على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالفه فاطرحوه أو ردوه علينا."7 وعنهم (عليهم السلام): "إذا جاءكم عنا حديثان فاعرضوهما على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالفه فاطرحوه."8 وعنهم (عليهم السلام): "ما أتاكم عنا فاعرضوه على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فخذوا به، وما خالفه فاطرحوه."9

هذا، وقد سبقت الإشارة إلى أن هناك آيات وروايات كثيرة تدل على أن القرآن نزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مرتين، مرة نزل بمجموعه على قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كما قال تعالى: ((إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر))10، ومرة نزل عليه نجوماً ومتفرقاً عبر ثلاث وعشرين سنة في المناسبات والقضايا المتفرقة، والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد وعى قلبه القرآن الذي نزل عليه أولاً مجموعاً ومرتباً، فجمع القرآن الذي نزل عليه ثانياً نجوماً ومتفرقاً حسب جمع القرآن الأول، ورتبه وفق ترتيبه، وهو بعينه القرآن الذي بأيدينا اليوم.

إلى غير ذلك مما يشير بمجموعه إلى أن هذا القرآن الذي هو اليوم بأيدينا هو القرآن الذي جمع بأمر من الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذه الكيفية الموجودة، لم يزدد حرفاً، ولم ينقص حرفاً، ولم يتغير شيء منه، ولم يتبدل أبداً، كيف وقد قال تعالى: ((لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِن خَلْفِه))11، وقال سبحانه ((إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون))12.

التالي

الفهرست

السابق

(1) قصص الأنبياء للراوندي ص357 فصل 13
(2) بحار الأنوار ج22 ص466 ب1 ح19 والبحار ج22 ص471 ب1 ح20
(3) وفي بحار الأنوار ج41 ص147 ب107 ح45 اتفق الكل على أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يحفظ القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
(4) هو آية الله العظمى السيد ميرزا مهدي الشيرازي قدس سره
(5) نشرة دينية كانت تصدر في كربلاء المقدسة بأمر من الإمام الشيرازي وكان يشرف عليها الأفاضل من العلماء
(6) الكافي ج1 ص69 ح1
(7) التهذيب ج7 ص274 ب21 ح5
(8) الاستبصار ج1 ص190 ب112 ح9
(9) الاستبصار ج3 ص157 ب103 ح5
(10) سورة القدر 1
(11) سورة فصلت 42
(12) سورة الحجر 9